قدم أعرابيّ من أهل البادية على رجل من أهل الحضر، وكان عنده دجاج كثير، وله امرأة، وابنان، وابنتان، فقال الأعرابيّ لزوجته:" اشوِ لنا دجاجةً، وقدّميها لنتغدّى بها "، فلما حضر الغداء جلسنا جميعاً، أنا وامرأتي، وابناي، وابنتاي، والأعرابيّ.
فدفعنا إليه الدّجاجة ، فقلنا له:" اقسمها بيننا "، نريد بذلك أن نضحك منه. قال:" لا أحسن القسمة، فإن رضيتم بقسمتي قسمت بينكم ". قلنا:" فإنّا نرضى بقسمتك ". فأخذ الدّجاجة وقطع رأسها، ثمّ ناولنيها، وقال:
" الرّأس للرئيس، "
ثمّ قطع الجناحين وقال:" والجناحان للابنين "
ثمّ قطع السّاقين فقال:" السّاقان للابنتين "
ثمّ قطع الزّمكي وقال:" العجز للعجوز "
ثم قال:" الزّور للزائر "، فأخذ الدّجاجة بأسرها!
فلما كان من الغد قلت لامرأتي:" اشوِ لنا خمس دجاجات، ولمّا حضر الغداء قلنا:" اقسم بيننا ". قال:" أظنّكم غضبتم من قسمتي أمس ". قلنا:" لا، لم نغضب، فاقسم بيننا ". فقال:" شفعاً أو وتراً؟
"، قلنا:" وتراً ". قال:" نعم. أنت، وامرأتك، ودجاجة ثلاثة "
ورمى بدجاجة. ثمّ قال:" وابناك ودجاجة ثلاثة "، ورمى الثّانية.
ثمّ قال:" وابنتاك ودجاجة ثلاثة "
ورمى الثّالثة. ثمّ قال:" وأنا ودجاجتان ثلاثة "، فأخذ الدّجاجتين.
ثمّ رآنا ونحن ننظر إلى دجاجتيه، فقال:" إلى ماذا تنظرون، لعلكم كرهتم قسمتي؟ الوتر ما تجيء إلا هكذا "، قلنا:" فاقسمها شفعاً ".
فقبض الخمس دجاجات إليه، ثم قال:" أنت وابناك، ودجاجة أربعة "، ورمى إلينا دجاجةً. ثمّ قال:" والعجوز وابنتاها، ودجاجة أربعة "، ورمى إليهنّ بدجاجة. ثمّ قال:" وأنا وثلاث دجاجات أربعة "، وضمّ إليه ثلاث دجاجات. ثمّ رفع رأسه إلى السّماء، وقال:" الحمد لله، أنت فهّمتها لي! ".