-->
مدونة عبر مدونة عبر
random

آخر المواضيع

random
random
جاري التحميل ...

قصة الإمام "أبوحنيفة" مع جاره شارب الخمر



أورد الحموي في كتابه "ثمرات الأوراق" أن الإمام أبوحنيفة كان يقطن الكوفة، وله جار "إسكافي" يعمل في إصلاح الأحذية، قد أدمن شرب الخمر، فإذا جاء الليل انشغل الإمام في الصلاة وقراءة القرآن، فيما يرجع جاره إلى المنزل وبصحبته اللحم والسمك، فيشويهما، فإذا ما أكل احتسى الخمر، فإذا عملت أثرها برأسه، أخذته نشوة السكر، فينشد قائلا: 

أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر 



لقد كان هذا الفتى يلقي باللائمة على ما آل إليه حاله إلى المجتمع الذي لم يدرك قدراته، فمن وجهة نظره أنه خُلق ليكون مقاتلًا يدافع عن الدين والوطن، ولكن الظروف تحول دون ذلك.



لقد دعاه الإمام كثيرًا إلى العدول عن شرب الخمر، لكنه لم يأبه فتركه وشأنه، دون أن يعنفه أو يفرض رأيه بالقوة، وأصبح مألوفًا لدى الإمام أبوحنيفة أن يسمع صوت جاره في حالته المزرية مع السُكْر.



وذات ليلة افتقد الإمام صوت جاره، فسأل عنه فقيل: أخذه العسس "الشرطة" منذ ثلاثة أيام وهو محبوس، فصلى الإمام الفجر، وركب بغلته ومشى واستأذن على الأمير عيسى بن موسى، والي الخليفة أبى جعفر المنصور على الكوفة.



فقال الوالي للخدم: أدخلوا الإمام، وأقبلوا به راكبًا حتى يطأ البساط، فلما دخل على الأمير أجلسه مكانه، وقال: ما حاجة الإمام؟، فقال: لي جار أخذه العسس منذ ثلاثة أيام فتأمر بتخليته، فتعجب الوالي من شفاعة الإمام في شارب الخمر، لكنه لم يرد طلبه، بل وأفرج عن كل من أُخذ تلك الليلة؛ إكرامًا للإمام أبوحنيفة.



فركب الإمام بغلته، وتبعه جاره الإسكافي، فلما وصل إلى داره، قال له الإمام أبوحنيفة: أترانا أضعناك يا فتى؟ قال: لا.. بل حفظت ورعيت جزاك الله خيرًا عن صحبة الجوار ورعايته.



ثم أقسم قائلا: والله لا أشرب بعدها خمرًا، فتاب من يومه، ولم يعد إلى ما كان عليه؛ ليضرب الإمام أبوحنيفة المثل والقدوة بأن طريق الدعوة إلى الهداية لا يأتي بالعنف والقوة، بل إن موقفًا بسيطًا يظهر سماحة الدين كفيل برد المذنب عن الذنوب. 

العبرة :

الدعوة إلى الله لا تؤتي ثمارها إلا بالحكمة والموعظة الحسنة، ولابد من تطوير طرقها عبر ابتكار أنجح الأساليب في الدعوةِ إلى الله تعالى.. 


وجاء الأمر الرباني من الله عز وجل لرسوله الكريم في سورة النحل: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ "، وامتثالًا لهذا المبدأ الإسلامي، سار الدعاة والفقهاء على هذا الطريق كأساس للهداية والرشاد.

عن الكاتب

مدونة عبر

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

مدونة عبر