يُحكى أنَّ فتاة ذات حسن،جمال واخلاق تزوجها رجل من عشيرتها وبعد مدة عام من زواجه خرج للصيد ومعه ابناء عمه واصدقائه وعن طريق الخطأ قتل احد ابناء عمه .. فحزن لذلك حزنا شديدا رغم مسامحة اهل المقتول له ..
رحل الرجل عن دياره واقربائه ليطيب خاطرهم بالبعد عن الاهل والاقارب وتوجه الى ديرة ثانيه.
كان يجلس كل ليلة عند شيخ القبيلة في مجلسه كما هي عادات الرجال في السابق يذهبون عند شيخ القبيله للسمر وتدارس امورهم..
وفي احد الايام مر الشيخ من عند بيت الرجل فشاهد زوجته وكانت في غاية الجمال تسحر الالباب وبقيت المرأه عالقه في ذهنه لم يشاهد مثل ذاك الجمال في حياته ..
خطرت له فكره شيطانيه ان يُبعِد الزوج عن البيت وفي مجلسه قال لجماعته:” الديرة الفلانيه يُقال ان فيها ربيع واريد ان ارسل اليها رجال يتأكدون لنذهب هناك ”
واختار ثلاثه من الرجال ومن بينهم زوج المرأه الجميلة وقال له:"اننا لانريد ان نكلفك ولكني سمعت بانك خبير في الطرق .. والمكان الذي ذكرتُه يستغرق ثلاث ايام.."
ذهاب الفرسان من عنده وعندما ارخى الليل سدوله وانتظر الى ان ينام الناس سار الى بيت الرجل حيث لم يكن سوى المرأه وحيده وكانت نائمه وقبل ان يصل ارتطم في العامود واحدث صوتاً !! افاقت المرأه على الصوت وهي تحمل السلاح وقالت : "من في البيت ؟"
قال:"انا فلان شيخ العرب اللي انتم نازلين عنده"
فقالت :"حياك الله وش تأمر طال عمرك يا شيخ ؟"
فأخذ يسأل ان كانوا يحتاجون لشيء واخذ يتغزل بجمالها وقال:"انذهلت يوم رأيتك واريد قربك وانا حاضر في كل ما تطلبينه.."
فأحتارت المرأة وعلمت ان نيته سوء وماذا تفعل فان صاحت قد يتهمها الناس ولايصدقونها .. وان سكتت ودافعت عن نفسها وقتلته وقالت انه اراد ان يعتدي علي خافت ان يكذبوها ايضا وخاصة هي غريبه ..
فاهتدت لحيلة تبعده عنها لبعض الوقت وقالت:
"انت رجل ونعم الرجل ولاترد وشكرا لكل ما عرضت ولكن اريد ان اختبرك واسألك عن لغز ان حللته فانا ايضا يسعدني قربك .."
فطار من شدة الفرح وقال "هاتي ما عندك"
فانشدت تقول :
أنشدك عن غدير الحيا لو جاف
وانشدك على الملح شدواه لو جاف
وعن سطور ماهي بحبر لو جاف
انحصت بيهن العدله والرديه
فاحتار في امره وقال:"امهليني ليوم غدا "
فقالت: "لك ذلك .."
وذهب الشيخ الى بيته بخفي حنين وفي الليل كان الرجال جالسين في مجلسه سأل الشيخ السؤال نفسه للمجلس وكل رد على قدر فهمه للموضوع. وكان احد الشيوخ المحنكين موجود في المجلس وسأل شيخ العشيرة:
"هل صاحب اللغز امراة ام رجل .. "
قال : "امرأة"
فتنهد ونظر للشيخ وسكت . الى ان ذهب الجميع ولم يبقى الا شيخ العشيرة وذلك الشيخ .
وقال له الشيخ : "انت ماجاوبت على سؤالي ؟!!"
فرد الشايب :"اعرف الجواب ولكنني اردت ان يخلو المجلس ولا نبقى الا انا وانت لاجيبك.."
فقال :"شيخ انته عايل على احد ؟"
فقال :"لا ماذا تعرف هل انا اعتدي على احد ولكن اخبرني عن تفسير البيت"
قال الشايب :"على كل حال انت قلت صاحب اللغز امرأة وان كانت كذلك .. فهي تعني بقولها (انشدك عن غدير الحيا لوجاف) تعني اذا طار الحيا من الرأس فلا علاج له وشبهته بالغدير الذي لايستغني اهل الباديه عنه فان ذهب وجف هلك الناس وقد قيل قديما (ان لم تستحي فاصنع ماشأت) قال هذه واحده .."
قال شيخ العشيرة:"والثانية .."
قال :"اما الملح لو جاف فتعني ان الاشياء تعالج بالملح حتى لاتفسد والملح هو العلاج فمن الذي يعالج الملح اذا فسد ؟!! (وتقصد بذلك كبير القوم يحتكم الناس له فان كان فاسدا فبما يعالج فسلام على الدنيا وقالو قديما:
يا كبراء الناس ياملح البلد بما يداوى الملح اذا الملح فسد ..اما السطور التي لم تكتب بقلم حبر او جاف فتقصد ما يدون من صحيفة الانسان من اعماله ان كانت اعمال خير او شر فكيف ننسى يوم الحساب وكل انسان كتبت سيئاته وحسناته في كتاب لايغادر صغيرة ولا كبيره"
فصُدِم الشيخ من الجواب وكانت هذه الأجابه صحوة لضميره النائم واصابه الخجل من فعلته...