كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يحبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبًا جمًا، ويفدونه بأرواحهم، بل كانوا لا يطيقون عليه أن يمسه أحد بسوء ولو بنظرة أو كلمة فتثور ثائرتهم لذلك.
وفي غزة بدر الكبرى حدث موقف مع أحد الصحابة يدل على شديد حبه وتعلقه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أنه أراد أن يكون أخر عهده من الدنيا أن يعانق جسده جسد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
فقد كان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يوم بدر يمر على صفوف الجند ليتفقدهم وكان بيده الشريفة قضيب من سواك يعدل به الصفوف، فمر بالصحابي سواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار وهو خارجًا قليلًا عن الصف، بحركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعود السواك إلى الخلف ليساوي الصف وقال له: "استوِ يا سوادُ بن غزية".
حينها وجد سيدنا سواد الفرصة سانحة ليفوز بفوز عظيم، فاستغل الموقف وقال: "آآآآه .. أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق، فأقدني".
فكشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بطنه، ثم قال له: "استقد" –اقتص يا سواد"، حينها انكب سيدنا سواد فاعتنق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبَّل بطنه الشريفة. فتعجب الصحابة الكرام، وسأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "ما حملك على هذا يا سواد؟" فقال سيدنا سواد: يا رسول الله، حضر ما ترى فلم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك. فدعا له رسول الله بخير، وقال له خيرًا.
فعود السواك الذي ساو به النبي الصفوف لم يؤلم سيدنا سواد بن غزية، ولكنة أراد أن يغنم بملامسه جسد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن يعانقه قبل الذهاب للمعركة.